– في التلفزيون السعودي كنت أقرأ نشرات الأخبار بـ 36 ريالاً وبعد إلحاح رُفعت إلى 75 ريالاً.
– نعم يكتئب الكثير من الإعلاميين والرياضيين والفنانين إذا انحسرت عنهم الأضواء والشهرة.
– بعد تقاعدي نفذت لمدة 7 سنوات “مشروعات ما بعد التقاعد” وأعطتني مردودًا جيدًا.
– بمكالمة فقط قدمت حلقات برنامج “تحية من أبنائنا في الخارج” من بريطانيا عام ١٤٠٥هـ.
– الإعلام يضعك دائمًا تحت المجهر ويظهر نجاحاتك وكذلك عيوبك.
-نصيحتي للمذيع الجديد اخرج من فقاعة الآخرين ومن هالة كبار المبدعين.
– القنوات الفضائية حاليًا عالم مختلط يطغى عليه المال والصراعات السياسية.
– من أسباب السعادة في الحياة أن تكون قانعًا بما كتبه الله لك.
حوار/ شقران الرشيدي – الرياض: يقول كبير مذيعي التلفزيون السعودي سابقًا، والعميد في السلم العسكري، سبأ باهبري، إنه عاد لقراءة نشرات الأخبار في قناة الإخبارية السعودية أخيرًا هو وزملاؤه المذيعون من الجيل السابق محبة للعمل ولقاء المشاهدين وليس بسبب المقابل المادي.
ويذكر في حواره مع “سبق” أنه عندما غطى معرض الرياض بين الأمس واليوم الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- آنذاك عندما كان أميرًا للرياض كان ذلك بلا مكافأة من وزارة الإعلام، ومن قدره وكافأه هو الملك سلمان تقديرًا لجهوده.
ويؤكد أن من ألف الأضواء لاشك سيشتاق لها إذا فقدها بل إن بعضهم يتعرض للاكتئاب إذا اختفى عن دائرة الضوء.
ويتناول الحوار عددًا من المحاور والذكريات الإعلامية فإلى تفاصيله.
اتفاقية مالية
** بعد غياب 12 عامًا عدت للشاشة مجددًا..فما حقيقة ما يقال إن توقيعك لاتفاقية مالية كبيرة للظهور في قناة “الإخبارية”؟
عودتي أنا وزملائي لقراءة نشرات أخبار الساعة التاسعة كضيوف على قناة الإخبارية لم تكن نتيجة صفقة مالية أو إغراءات، والحقيقة أننا أحسسنا أننا أبناء أسرة واحدة، وأن البيت الكبير (التلفزيون) دعانا لتجديد اللقاء على مائدة المحبة والمودة، وإذا كان هناك من أطلق إشاعة من هذا النوع فهو واهم، لم نتقاض أي شيء بل ذهبنا، وقرأنا نشرات الأخبار من محبتنا للمشاهدين الذين يسألون عنا، ومن باب الوفاء للتلفزيون، وتقديرًا لقناة “الإخبارية” التي قدرتنا بتوجيه الدعوة لنا للظهور على شاشة التلفزيون السعودي مرة أخرى، ولقد قدمت العديد من البرامج سابقًا من دون مقابل مادي.
** من المعروف أن الجيل السابق من المذيعين السعوديين يعشق العمل ولا يعنيه المقابل المالي، فما البرامج التي بادرت وقدمتها؟
قدمت على سبيل المثال برنامج (تحية من أبنائنا في الخارج) نتيجة مكالمة فقط تلقيتها من الأستاذ محمد حيدر مشيخ، وقال إنه يرغب في إنتاج برنامج عن الطلبة في بريطانيا، ولكن ليس لديه ميزانية، وسيكتفي بتقديم الخدمات الإنتاجية والدعم والتنقل، فرحبت بالفكرة بشكل فوري ولم أناقش موضوع الماديات وقمت بتقديم، وإعداد تلك الحلقات التي عرضت في العام 1405هـ دون أي مقابل، ولم نتعرض لموضوع المال أو المكافأة أو الماديات، والشيء بالشيء يُذكر عندما غطيت معرض الرياض بين الأمس واليوم، والذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- آنذاك عندما كان أميرًا للرياض كان ذلك أيضًا بلا مكافأة من وزارة الإعلام، والحقيقة أن من قدرني وكافأني هو والد الجميع الملك سلمان الذي أمر لي بمكافأة في نهاية المعرض تقديرًا لجهودي.
** هذا يدفعني لسؤالك: ما طبيعة علاقتك وعلاقة زملائك بالتلفزيون السعودي؟
علاقتي أنا وزملائي بالتلفزيون ليست علاقة مال أو مكافأة أو مغريات مادية، فالمردود الأكبر الذي حصلنا عليه من تعاملنا في التلفزيون هو محبة الناس وتقديرهم ووفائهم لنا، أما المال فصدق أو لا تصدق كنا نقرأ نشرات الأخبار بـ 36 ريالاً للنشرة ثم رُفعت بعد محاولات عديدة وإلحاح إلى 75 ريالاً للنشرة، لذا كنا لا نتقاضى من التلفزيون أكثر من 1000 ريال في الشهر كمكافآت ولذلك علاقاتنا بالتلفزيون ليست علاقة مال ولا مكافآت ولا مردود مادي، هي محبة متبادلة وإشباع لتطلعات وهواية ومحبة للعمل الإعلامي.
المشهد الإعلامي
** ما قراءتك للمشهد الإعلامي، والمعطيات التي طرأت منذ دخول الفضائيات، وهل تغيرت الكثير من القواعد التي كانت سائدة في زمن مضى؟
المشهد الإعلامي الحالي هو عبارة عن عالم مختلط تطغى عليه الاعتبارات التجارية والصراع السياسي، وأصبحت القنوات الفضائية الآن إما وسيلة لكسب المال، وإما منابر لممارسات حروب الإعلام بكل أشكالها وأصبح للمشاهد اليوم خيارات متعددة وكثيرة وأصبحت أساليب التسلية متوفرة في القنوات الفضائية.
تغير التقنية
** بعد دخولك الأخير لاستديو نشرات الإخبارية الحديث، ما أبرز الاختلافات التقنية التي لفتت نظرك؟
تغيرت التقنية كثيرًا، وأصبحت التحديات غير مسبوقة، وأصبح التلفزيون عابرًا للحدود والقارات، ومحطمًا لكل الحواجز التي كان يعانيها التلفزيون في الماضي. أيضًا وجود الفضائيات والأخذ في الاعتبار اختلاف التوقيت العالمي من منطقة جغرافية إلى أخرى فرض استمرارية البث على مدار 24 ساعة بلا توقف وهذا في حد ذاته شيء جديد، ولم يكن الوصول إليه أو التفكير فيه لولا وجود الفضائيات التي أصبحت تهتم بضرورة وجودها على جميع المساحات الجغرافية للكرة الأرضية وعدم التكاسل عن منافسة الفرقاء الآخرين.
فراق الأضواء
** قلت “من ألف الأضواء لاشك سيشتاق لها إذا فقدها بل إن بعضهم يتعرض للاكتئاب إذا اختفى عن دائرة الضوء”. والسؤال: كيف تحملت فراق الأضواء ١٢ عامًا؟
أنا لا أزال عند مقولتي أن الكثيرين من الإعلاميين أو المشاهير في كل المجالات كالرياضيين أو الفنانين أو الممثلين أو حتى المطربين إذا انحسرت عنهم الأضواء يشعرون بفراغ واكتئاب وحنين وشوق متجدد للعودة إلى الأضواء مرة أخرى، أنا لا أختلف عنهم كثيرًا إلا أنني قد وجدت لنفسي مجالات أخرى للانشغال، والحمد لله أني كنت من المحظوظين من قبل تقاعدي عن العمل، فقبل توقفي عن التعاون مع التلفزيون كان لديّ مخططات أضعها دائمًا في بالي وكنت أسجلها في كتيب صغير واسمها “مشروعات ما بعد التقاعد”، وبالفعل أول ما تقاعدت انشغلت فيها لمدة 7 سنوات والحمد لله أعطتني مردودًا جيدًا، وآتت أكلها، وآتت ثمارها وجعلتني أشعر بأني ليس لديّ فراغ أو وقت أشكو فيه من عدم قدرتي على استثماره بشكل مناسب، وهذه ليست استثمارات مالية أو تجارية وإنما استثمارات معنوية، وهي استثمار في تحقيق الكثير من الطموحات التي كنت أتطلع إليها، وكان وقتي لا يعطيني الفرصة لها لكثرة الأسفار لكوني محبًا للسفر والتحلل من الارتباطات العملية والوظيفية وحتى الأدبية، وهذا أعطاني فرصة كبيرة لممارسة هذه الهواية التي أحبها جدًا جدًا.
تقاعد الإعلامي
** هل يتقاعد الإعلامي أم أنه مجرد انزواء عن الأنظار؟
الإعلامي لا يتقاعد، وحتى إن توقف عن المشاركة في الأحداث الإعلامية بشكل نشط وحضور فعّال، إلا أنه يبقى إعلاميًا غير نشط لكونه متابعًا ومتذوقًا وناقدًا ولكن بصمت، ولكن الإعلامي لا يستطيع أن يقطع صلته بالإعلام ولا يستطيع أن يتوقف عن أن يكون متابعًا يقظًا وناقدًا ذا عين فاحصة ومتذوقًا للإبداع والتجديد والابتكار.
تطوير الذات
** كيف يمكن للمذيع تطوير ذاته ومواجهة الكاميرا خلال قراءة النشرات؟
يستطيع الإعلامي أن يطور ذاته من خلال التثقيف الذاتي، فالإعلامي ككاتب يهتم بالقراءة والاطلاع، وكمذيع يهتم بمتابعة المتميزين في مجال الإلقاء والنطق السليم، وكصحفي من خلال قراءة مذكرات كبار الصحفيين وكيف عانوا وكيف تغلبوا على الصعاب، وكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه، ولكن لا يستطيع أن يطور ذاته بشيء أكثر من الإصرار على الابتكار. ويجب أن يفكر دائمًا في أن يخرج من فقاعة الآخرين أو الهالة التي تحيط بكبار المبدعين في المجال الإعلامي، ويجب عليه أن يحذو حذوهم في الإصرار والتعلم وتطوير الإمكانات، ولكن عندما يقابل الجمهور يجب أن يكون مبتكرًا في حضوره، ويجب أن يحرص على أن يقدم شيئًا مختلفًا يجعل له بصمة خاصة في مجال عطائه الإعلامي.
مدى الرضا
** إلى أي مدى أنت راضٍ عما حققته من نجاحات؟ وما الشيء الذي كنت تتمناه ولم يتحقق؟
تسألني عن مدى رضاي، قد لا أكون راضيًا لكنني قنوع، أنا مقتنع أن من أسباب السعادة في الحياة أن تكون قانعًا بما كتبه الله لك، وتكون قانعًا بما رزقك الله به، وأن تكون واقعيًا في تفكيرك وتعاملك مع محيطك، وأن تكون منطقيًا في تفكيرك وعقلانيًا ومنصفًا في تقييمك لنفسك وللآخرين، وأعتقد أني قدمت جهد المُقِل، وإذا كنت نجحت فهذا توفيق من الله وإذا لما أكن وفقت فهذا تقصير مني.
أسباب النجاح
** ما أهم أسباب نجاح الإعلامي؟
من أهم أسباب النجاح الابتعاد عن التباكي والابتعاد عن التظاهر، والتعامل مع قدراتك الحقيقية كإعلامي، وإمكاناتك الإبداعية بواقعية، لا تخدع نفسك، لأنك قد تستطيع أن تخدع بعضهم لفترة بسيطة، لكن الإعلام يضعك دائمًا تحت المجهر ويظهر نجاحاتك وكذلك عيوبك، يجب أن تحرص على أن تكون ملمًا بأبعاد عملك ومشاركاتك الإعلامية، أن تكون مثقفًا قارئًا جيدًا، وأن تكون مستمعًا أيضًا للكبار في هذا المجال وللناجحين وأن تحاول أن تحذو حذوهم ولكن بأسلوب منفرد ومتميز لا أن تكون نسخة من أي شخص آخر.