تناول باحث سعودي، بالمشاركة مع خبير صحّة عامّة بريطاني وعميد كلِّية أستون الطبِّية في برمنجهام، تأثير المجتمعات والعادات الدينية في إيقاف أو زيادة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، في مقال تمّ نشره الأربعاء الماضي بموقع “ميدشير” الطبِّي.
ويرى الباحث الدكتور فيصل الحريري من مركز الملك فهد للبحوث الطبِّية في جامعة الملك عبد العزيز بجدّة، أنّ العديد من الأديان في العالم تركِّز على الاهتمام الديني بالنظافة الشخصية والنظافة الغذائية.
وقال الدكتور الحريري: «يمكن أن يلعب الإيمان دورًا مهمًّا في الجهود العالمية لتعزيز نظافة اليدين، وهو أمر أساسي في السياق الحالي للحدّ من تأثير تفشِّي فيروس كورونا». وأضاف: «يشجَّع الإسلام والبوذية والسيخ والهندوسية واليهودية على غسل اليدين قبل وبعد تناول الطعام، وقبل الصلاة، وقبل وبعد استخدام المرحاض. من ناحية أخرى، لا تضع المسيحية بشكل عامّ نفس التركيز الديني على غسل اليدين».
كما أشار الباحث السعودي إلى مخاطر تكمن في التجمُّع في أماكن العبادة لمختلف الأديان؛ ما دعا علماء الأديان والحكومات إلى وقف صلاة الجماعة وطقوس العبادات الجماعية المختلفة، إلى جانب تعطيل عبادات جماعية مهمّة كالعمرة والحج لدى المسلمين.
وأكَّد الدكتور الحريري أنّ الإسلام استخدم الحجر الصحِّي قبل ما يتجاوز 10 قرون، حينما استخدم عالم الطبّ الإسلامي ابن سينا طريقة «الأربعينية»، وهي العزل لمدّة 40 يومًا للحدّ من انتشار الأمراض المعدية، في القرن العاشر الميلادي. وقال: «كانت مساهمات الأطبّاء والعلماء المسلمين في العلوم البيولوجية أكبر ما بين القرنين الثامن والثالث عشر الميلادي، والتي غالبًا ما يُشار إليها باسم العصر الذهبي الإسلامي، وكان ابن سينا والرازي أوّل من طوّرا مجال علوم الأحياء. وساهم ابن سينا في تطوير نظرية الأمراض الجرثومية، وقدَّم الحجر الصحِّي كوسيلة للحدّ من انتشار الأمراض المعدية. وفي وقت لاحق من القرن الرابع عشر، توسَّع ابن خاتمة بناءً على هذه النتائج، وكان أوّل من اكتشف البكتيريا والكائنات الدقيقة».
كما أكَّد أنّ حكومة المملكة استنفرت كلّ ما حواه الإسلام من رحمة وحزم، من أجل مكافحة فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنّها كانت من أوائل الدول التي استشعرت خطورة الفيروس كورونا. وأشار إلى ما قاله مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، بـ «أنّ من يخالف ولي الأمر فيما يتعلَّق بالأوامر الصادرة لمواجهة فيروس كورونا الجديد؛ فإنّه يعتبر آثمًا»، لافتًا إلى أنّه من مقاصد الشريعة التي جاء الإسلام بها «حفظ الضروريات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال؛ فحفظ النفس من جملة الضروريات التي أمر الشارع جلّ وعلا بحفظها وعدم تعرُّضها للهلاك. قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)».
وذكر أنّ الحكومة السعودية ساهمت بشكل جادّ في المحافظة على حياة الملايين من المسلمين، حينما قرَّرت تعليق العمرة في أوائل شهر رجب الماضي، بالإضافة إلى تعليق الحج أيضًا بالطلب من الشركات «التريُّث في إبرام عقود الحج».
واستنتج المقال أنّه على الرغم من أن تركيزه كان إلى حدّ كبير على الإسلام، إلّا أنّ العديد من الممارسات والفرص متشابهة عبر الأديان المتعدِّدة. وذكر الباحث السعودي أنّه «من الواضح أن الصحّة العامّة يجب أن تأخذ الدين بعين الاعتبار في الاستجابة لفيروس كورونا المستجد، للتعرُّف على المخاطر المحتملة»، وتابع: «في جميع الأديان والمعتقدات، يجب أن يكون هناك تركيز على العقل والرحمة والعلم إلى جانب الإيمان، حتى نتمكًّن من العمل معًا للتغلُّب على التحدِّيات المستقبلية».
يُشار إلى أنّ الباحث السعودي الدكتور الحريري، قد تشارك في إعداد هذا المقال العلمي، مع الدكتور جاستين فارني خبير الصحّة العامّة بإنجلترا، والبروفيسور آصف أحمد عميد كلِّية أستون الطبِّية في برمنجهام.